Thursday, June 5, 2008

علاج " الشذوذ" في السجون، حبوب وكوكايين في قوالب الكاتو

خلف قضبان السجون، هناك دوماً ظالم ومظلوم، هنالك دوما قاتل وقتيل ، هنالك دوما مجني ومجني عليه ، وهنالك دوما قصص مألوفة وقصص لا تشبه القصص، خلف قضبان السجون تسكن دوماً حقيقة محرم تداولها خاصة اذا كان القانون في لبنان لا يحميها كالمخدرات والمثلية الجنسية أو ما يعرف بالشذوذ الجنسي.لا اعرف لماذا توضع العراقيل في وجه من يريد معالجة مواضيع يقال أنها حساسة، ولا اعرف لماذا يطلب من الصحافي الذي ينوي إجراء تحقيق صحفي عن " المحرمات اللبنانية" ألف تعهد وتعهد والف مطلب ومطلب.
ولكن يبدوا عاجزا" أمام تلك التعهدات والمطالب وبذلك يكون للسادة المسؤولين داخل السجن الحق كل الحق في رفض طلبه، ثم ما الفائدة أصلاً من أن يعطي الصحافي تعهدات قانونية تجعل الحقائف ممزقة وبعيدة كل البعد عن الواقع القائم، ولمصلحة من تخرج الحقيقة معاقة الى الناس هل من مجيب؟

كل محاولاتي الجادة والصبورة لاستحصال حديث أو رأي السجناء دون رقابة او تحفظ بموضوع المخدرات والشذوذ الجنسي داخل السجن باءت بالفشل، لكن الموضوع كان يستحق تكرار المحاولات بطريقة أخرى، خاصة بعد ان اصبحت رائحة اخبار السجن العفنة في متناول الجميع. واخيرا اثمرت تلك المحاولات الى التحدث مع سجناء سابقين قرروا فتح هذا الملف دون ذكر اسماءهم.

تختلف وجوه هؤلاء الرجال عن تلك الوجوه التي رأيتها خلف القضبان الحديدية، فوجوه الرجال يملؤها الغضب والحسرة على المستقبل الذي اضاعوه " داخل هذه المقبرة"، بحسب قول أحدهم. فهم متعطشون للحديث رغم اختلاف نوع التعطش ،فهم معترفون، شاكون ومتورطون بهذه الممنوعات.
أولى محادثاتنا كانت مع (ج) الذي لفت الى تفشي ظاهرة "اللواط" بين عدد كبير من السجناء لاسباب عدة أبرزها التلفزيون، حيث كان بإمكان البعض التقاط محطات تبث مشاهد مثيرة. وتابع: " لا يمكن لوم أي سجين على شذوذه الجنسي كونه مُجبراً عليه داخل السجن نظراً لعدم وجود الجنس الاخر".
"فهـؤلاء السجناء ليسوا شاذين جنسياً وإنما اضطرتهم ظروفهم الصعبة في ذلك السجن المخيف، المعزول عن العالم إلى اللجوء إلى إيجاد مخرج لغزيزتهم الجنسية فكان هذا النظام الذي ساد في السجن من شذوذ جنسي، والمسؤولون عن السجن يسكتون عن هذا الموضوع مما يؤكد حاجة السجين الى هذا السلوك.ويشدد (ج) أنه بعد أن خرج هؤلاء من السجن عاشوا حياتهم العادية بعيداً عن الشذوذ الجنسي الذين كانوا مضطرين إليه".
المخدّرات متوافرة خلف القضبان أيضاً
رغم ملامح الهدوء التي ترسم على وجهه إلا أن (م) لم يبدُ منزعجاً من دخوله السجن بتهمة تعاطي المخدرات، بل كان ناقماً على نظام إصلاحي "زج به في السجن لأنه أخطأ، لكن من يحميه من الانحراف وراء القضبان؟".
وكانت قد انتشرت معلومات كثيرة عن عمليات تهريب زوجات المساجين للمخدرات من حبوب وكوكايين إلى داخل السجون، داخل قوالب "الكاتو" والحمص المتبل وأصناف طعام أخرى، بعد جعلها جزءاً من "الطبخة"!. " اسهل شيء هو الحصول على المخدرات داخل السجن"، قال (م) واكمل:
"تعاطيت المخدرات للمرة الأولى وأنا بعمر 14 عاماً"، وقبض علي في سن 20 عاماً بسبب تعاطي الحشيشة، ويتابع متأثراً "كنت أعامل هناك كأنني مجرم"، ففي السجن أدمنت أنواعاً جديدة من المخدرات، وأنواعاً "لم أكن قد تعرفت إليها أو رآيتها في الشارع". وبدا (م) كأنه يعترض على دولة سجنته لتحميه من الشارع، لكن "أين الدولة لتحميني من الانحراف داخل السجن؟"، وأكمل: "لم نكن نعامل كبشر، فقدنا معنى الكرامة الإنسانية في السجن». عمر (م) اليوم 30عاماً، وقد تخلص من المخدرات بعد دخوله إلى مركز للتأهيل والعلاج،
رغم انه لا يمكن لأحد أن يجزم بصدق ما رواه لنا السجناء السابقين، إلا ان هنالك حقيقة ما، لا تزال منزوية في زوايا السجون المظلمة كحقيقة الظروف الانسانية الصعبة والقاهرة وافتقار السجون الى ابسط الشروط الصحية والطبية التي تجبره على التعاطي وإثبات الذات ولو بطريقة غير شرعية.

No comments: